تصيبني غصّة ورعشة حينما أنطق هذه اللفظة . لا أمتلك دموعي ومشاعري حينما أذكر أشلاءهم الطاهرة ، حينما أذكر دمائهم الزكيّة ، حينما أذكر بسمات أطفالهم الطاهرة الأبية ، حينما أذكر كل هذا يصيبني خَرَس !
مضى على قصف غزّة الأبية "معركة الفرقان" سنتان ، فـ هل نسينا ؟!
إن كنا نسيناهم ونسينا شهدائهم وجرحاهم ومرضاهم و..حياتهم كلها ،
فثرى غزة لم ينسى ، أطفال غزة لم ينسوا ، نساء غزة لم ينسوا ، جدران المساجد ما نسيت ، خطوط القبور التي سطّرت عارنا ما نسيت ، مخابزهم الرطبة ما نسيت ، رشاشاتهم ما نسيت ، التاريخ كله ما نسي . بل وما فتئ يحاول تذكيرنا وإعادتنا للحدث ولكن بدون جدوى .
"محمد البرادعي" طفل استشهد في القصف الإسرائيلي الغاشم . نعم ارتقت روحه التي عمرها خمسة أشهر فقط ! محمد طفل فرحه به أبوه "ناصر" بعد انتظار دام خمس سنين ، ياااااااااااااااااه خمس سنين وبعدها يتم خمسة أشهر في الدنيا ثم يقتل ! أي وحشية وهمجية تلك ؟!
ستبقى "مجزرة غزّة" شاهدة على دور العرب والمسلمين المتخاذل وهمجية ووحشية الصهاينة . والجيّد في الموضوع أن التاريخ لا ينسى أبدا .
بدأ بالإيجابي من عملهم ، مع أنهم أهل كتاب وليسوا مسلمين .
والمقام مقام تحذير منهم وعتاب لهم ، ولكن بدأ بإيجابياتهم .
الإنصاف والعدل ، يفيد الشخص المعني بالكلام ، ويفيدك أنت لأنك تربّي نفسك على ذلك وتجبرها عليه إجبارا .- [ إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون ] ،
البكاء ليس المقصود من التدبر أبدا أبدا !
نعم البكاء لوحده فقط ليس مقصودا ، وإنما المقصود ما وراءه من العمل والوهج الروحي الــمُتّقِد في نفس الشخص .
أيضا المقصود من تلاوة القرآن وتدبره هو تفهم المعاني والقيم الداعية للعمل والتميز والبذل في آياته ،
ليس شرطا أن تبكي أو تتباكى ، المهم أن تعمل وتطبق ما سمعته وتدبرته .
"يتوكلون" ! ، لن يتوكلون قطعا في البكاء ! قطعا !
سيتوكلون على ربهم في الفعل والنزول للميدان والبذل ،
سيتوكلون على ربهم في مواجهة المصاعب والمشاكل المحيطة بهم في عملهم .
فكّر كم شخص يصلي التراويح ويبكي بحرارة ، ثم يخرج ليغشّ أو يكذب ؟!- [ فآتهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين ] ،
الله عزّوجل لم يفرض علينا أعمالا لا تناسب طبائعنا وغرائزنا ،
بل حتى الجزاء لبّى فيه بعض ما نتطلع له أحيانا ،
الله يعطيك ثواب الدنيا قبل الآخرة ، يعطيك النعيم والحب والسعادة والهناء ، ويرزقك في الآخرة النعيم والجمال والحبور والراحة .
خاطب من أمامك بما يحبّ ، رغّبه وحببه للعمل .- [...ومن يغفر الذنوب إلا الله... ] ،
سبحانه جل وعلا ، تعالى وتقدس ،
الناس بالعادة إن خافوا من شيء هربوا منه ، أما الله العليّ الرحيم نخاف منه ونهرب له !
نهرب له ونلتجئ ونتودد له ، نرجوه ونطلبه ونتمسكن إليه ،
مع كل ما تطلبه من ربك وترجوه ، تذكر أن ربك أرحم بك من نفسك .- [ إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا ] ،
الله جل وعلا لا يخفى عليه شيء أبدا ، ولا يفوته أي عمل من أعمال عباده ،
الخفي منها والمعلن ، الخالص والمشوب برياء ، كلها مسجلة ومحفوظة عنده سبحانه .
أيضا الله عزوجل يعلم ذنوبك كلها ، القديمة والجديدة ،
هل تتذكر ذنبا عملته قبل 4 سنوات ؟!
الله يذكره ،
هل تتذكر ابتسامة ليتيم قبل شهرين ؟!
الله يذكرها ،
سبحانه لا يغيب عنه شيء أبدا ،
أنت تتعامل مع أكرم الأكرمين ، وأحفظ الحافظين ، وهو سبحانه فوق هذا كله رحمته سبقت عذابه .- [...أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا... ] ،
خاف القوم من التغيير والتبديل !
وما أشبه بعضنا بهم !
نخاف كثيرا من تغيير اعتقاد أو قناعة لأنها عتيقة ، وكأن قِدَمَها قد حولها لقداسة مطلقة !
لا تتحرج أن تغير قناعة أو فكرة ، وكن أشجع وأعلن ذلك على رؤوس من يهمهم الأمر !- [ قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة... ] ،
آية شاملة لأمور كثيرة متعلقة بالدعوة والإرشاد ،
هذه سبيلي ، حدد الدعوة ومجالها ، ارسم حدودها ومواطن عملها ، باختصار كن منظما ومحددا .
أدعو إلى الله ، أخلص عملك ونيّتك وحبّك وبذلك وتنازلك لله وحده .
على بصيرة ، باختصار : كن واضحا ومَرِنا .
آية عظيمة وملهمة ، تدبرها واقرأها جيدا ، واجعلها شعارك في الحياة إن أردت .
"ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا..." آية في نفس المجال .
واجه التخريب المنظم ببناء منظم !- [...ولا تيأسوا من روح الله... ] ،
سماها رَوْح ، روح تنتشر وتملأ فضاءات التفكير والعمل ،
روح الله عزوجل ، يبعث فيك الأمل والصبر والمثابرة ،
يحدو بك في طريق التغيير والتميز ، يرشدك إن تُهْت وتغيّر مسارك .
استمسك بروح الله وتعلق به ، تجد راحة وحبا وعونا وأملا وصبرا .- [...ونحن له مسلمون ] ،
يا خي أنا مسلم! ،
مسلم! ، كثيرا ما نرددها ويتبادر لنا بمجرد سماع الإسلام الصلاة والزكاة والحج والجهاد فقط!
وهذا خلل كبير !
الإسلام هو الحب والتسامح ، الإسلام هو الحفاظ على البيئة ، الإسلام هو العادات الجميلة والأخلاق الرائعة ، الأخلاق هو العلاقات الراقية الوفيّة ، الإسلام هو الاقتصاد الناجح .
قَصْرُ مفهوم الإسلام على الجانب التعبدي التقليدي حجّم من دور الإسلام الإصلاحي .
- [ ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء ]
سبحانك ربنا اطّلعت على كل شيء ، على السرائر على الأفكار على المقصد ، وأمهلتنا لم تفضحنا ،
تعلم أننا نخفي حقدا على فلان ولا تحاسبنا ، لكن تعلم أننا نهمّ بقراءة قرآن فتأجرنا ، فقط نهمّ !
لا إله إلا أنت ، تباركت وجلّت عظمتك وسلطانك ، قمة الإتقان مع قمة الحكمة وقمة الحلم وقمة العطاء ،
- [ وما من دابّة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ]
ما من دابة ، أي دابة ، أي شي يدبّ ويمشي على وجه الأرض ، كل شيء رزقه على الله ، كل شيء مقدر ومسجل ، في كتاب مبين واضح ، وليس لزاما عليه جل وعلا أن يخبرنا بأنه مسجل في كتاب ، ولكنه سبحانه رحيم ودود لعباده .
إن مضيت في الدنيا فاعلم تماما أن رزقك مكتوب ومقدّر ، لا تقعد وتطلبه بمعجزة ، لأ ! اذهب واسعَ وكافح واضرب في الأرض وسيأتيك ما تتمنى وتطلب من ربك الكريم العظيم .
- [ وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزّله إلا بقدر معلوم ]
كل شيء خزينته عند الله ، كل شيء ، الحب الجمال المال الحكمة التميز الرحمة البطش العدل الإبداع الأدب الاحترام ... كل شيء خزينته عند الله جل وعلا ،
وما ينزّل منه إلا بقدر معلوم مفيد مجدي للناس والبشر ، ينزّل منه بحكمته وفضله وعدله .
- [ وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب... ] ،
قضية مهمة جدا في هذه الآية ، اليهود يرمون النصارى بالضلال في العقيدة والنصارى يرمون اليهود كذلك في عقيدتهم ، في العقيدة! ، وهو يتلون الكتاب جلسوا يقرؤون الكتاب المقدس عندهم وبدؤوا يتهمون الآخرين ، اختلفوا في أمر عقيدة وعندهم نصّ مقدّس !
أفلا يسوغ لنا أن نختلف ونخطئ في أمور عادية جدا ، طريقة تفكير ؛ حُكُم على موقف ؛ رأي معين . يجب أن نتشرّب فعلا معنى التسامح مع الآراء وعدم اعتقاد صوابيتنا المطلقة .
- [ بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ] ،
التسليم الكامل والانقياد والطاعة والحب والرجاء ، ولكن..وهو محسن ! نعم هو محسن ، هو عامل هو باذل هو نشيط ، هو مغيّر هو متميّز ،
الإيمان والاستسلام لله بدون عمل وإرادة مثل الجسم الكبير الضخم بدون روح ، لا يفيد !
- [وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربّنا تقبّل منّا إنَّك أنت السميع العليم ] ،
النبيّان إبراهيم وإسماعيل واقفان يوما من الأيام يبنيان الكعبة ويدعوان ربهما أن يتقبل منهما ! فعلا موقف غريب ، هما نبيّان عظيمان جليلان مصطفيان ، ويفعلان شيئا جاءهما فيه أمر مباشر من رب العالمين ،
يبنيان الكعبة ، الكعبة رمز الاجتماع والاتحاد ، رمز التوحيد والعبودية ، رمز التسليم والحبّ ، الرمز الأول للتوحيد ، الرمز الباقي ، الرمز العظيم ، كان يفعلان شيئا عظيما جدا جدا ، وفوق ذلك كلّه "يا ربّ تقبّل" !
أمر يدعو للتفكر والوقوف فعلا ، مع كل ما حازاه من أسباب استجابة الدعاء إلا أنهما يبتهلان بكل صدق "ربنا تقبل منّا" ، تقبل عملنا تقبل جهدنا ، تقبّل حبنا تقبّل تقصيرنا ،
قِف ملياً وادعُ ربّك بالقبول .
- [ تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ]
تلك أمة قد خلت ، ذهبت وفنيت وانقضت ، طواها التاريخ ، لها عملت لها ما بذلك لها ما قدمت لربها ، وعليها أيضا ما عليها ، ولكم ، ولكم أنتم ما كسبتم ، ما عملتم وأخلصتم ودعوتم .
أنت لا تسألون أبدا عنهم ، لا تسألون لماذا لم تسبوهم ! ، لا تسألون لماذا لما تحاسبوهم وتعرّوهم للناس ! ، لا تسألون لماذا لم تدخلوا في نواياهم !
أبدا ،
سوف تسألون عما قدمتم أنتم ، أنتم فقط .
- [...إذا قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ]
صلى علي إبراهيم وعلى نبينا محمد عليهم الصلاة والسلام ، قال له ربه أسلم ، أطع ، اِنقَد لي ، سلم أمرك ، فلم يتلكّأ ويتردد ويقف ، قال أسلمت ،
أسلمت لك ربي كل محبتي وخوفي ورجائي ، أسلمت لك نيّتي ، أسلمت لك دعائي ، فارحمني يا رب .